18‏/01‏/2019

ما بين الحقيقة و الخيال: سفينة أوكتافيوس المنكوبة مقال بقلم هشام بودراhibo


كان الكابتن وارن يقود سفينته الأمريكية هيرالد لصيد الحيتان .. بجانب الساحل الغربي لجرين لاند ضمن الدائرة القطبية و أثناء وقوفه عل جسرها شاهد من بعيد .. سفينة أخرى ذات ثلاثة صواري تهيم بين قطع الجليد الطافية .. وبدت كطيف حينما راقبها فقرر هو و ثمانية بحارة تحت قيادته .. أن يستقلوا قاربا صغيرا و الإقتراب منها لعلهم يكتشفون سرها .. و حينما إقتربوا تمكن الكابتن من قراءة إسمها على جانبها و قد غطاه الجليد .. كان إسم السفينة أوكتافيوس .. فقرر هو برفقة أربعة بحارة من الصعود على متنها .. و هناك كانت المفاجأة فبعد أن فتحوا باب عنبر البحارة .. وجدوا جثث 28رجلا كلهم مستلقون في أسرتهم و فوقهم عدة أغطية ثقيلة .. فقصدوا قمرة القبطان فوجدوا الكابتن ميتا بدوره و هو في وضعية  إنكباب على منضدة فوق سجل السفينة و بجانب يده قلم و بدا كمن نام أثناء الكتابة .. و في سرير بجواره عثروا على جثة متجمدة لإمرأة شقراء تحت أكوام من الأغطية .. و في إحدى الزوايا بحار و طفل دفن رأسه في حضنه كمن يبحث عن الدفء كانا في وضعية حزينة و متجمدين ..
قرر  الكابتن و بحارته من حمل سجل السفينة و مغادرتها كدليل على ما شاهدوا من مآساة .. و بعد عودتهم إلى سفينتهم  وقفوا يراقبون السفينة المنكوبة و هي تبتعد حتى غابت بشكل نهائي بين الجبال الجليدية ..
لقد كان آخر تاريخ مدون على سجل السفينة المنكوبة .. هو 11سبتمبر من عام 1762و قد كتب كابتن السفينة .. أن الأوكتافيوس علقت في المياه المتجمدة لمدة 17يوم و قد انطفأت النار فيها و لا يستطعون إشعالها و كان موقعها حينها :(خط طول 160 غربا مع عرض 75شمالا)..
و نظر الكابتن وارن إلى الخريطة .. و هو في حالة ذهول مما إكتشفه ففي الساعات الأخيرة من حياة طاقمها كانت السفينة أوكتافيوس في المحيط المتجمد الشمالي شمال بونيت بارو بألاسكا على بعد آلاف الأميال من المكان الذي عثروا عليها فيه .. و على ما يبدوا حسب إعتقاد الكابتن أن قوى مجهولة قادت السفينة ل13سنة  بإتجاه الشرق عبر جبال الثلوج الواسعة حتى ولجت شمال المحيط الأطلسي.. 
و بفضل هذه السفينة المنكوبة إكتشف البحارة فيما بعد ..  ما كانوا يحلمون به من قرون طوال و هو  إكتشاف المضيق الشمالي الغربي الذي يصل بين المحيطين الأطلسي و الهادي عبر المحيط المتجمد الشمالي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق