من غرائب و عجائب ما رواه الرحالة الجغرافي و الشاعر أبودلف الينبعي .. في كتابه عجائب البلدان .. أثناء رحلة قام بها إلى التبت و الصين بطلب من الأمير الساماني نصر بن أحمد بن إسماعيل أمير خراسان و الذي كان الينبعي يقيم في بلاطه بين سنة 942/913م و خرج الرحالة برفقة مجموعة من السفراء بغرض خطبة إحدى بنات ملك الصين للأمير الساماني ..
و أثناء عودة أبودلف ألف كتابا سماه عجائب البلدان .. أصبح فيما بعد منهلا للجغرافيين و المؤرخين كالمسعودي و ياقوت و القزويني و الدمشقي وغيرهم ..
و قد قام أبودلف بوصف أحوال القبائل و المناطق التي مر بها أثناء زيارته للتبت و الصين و عودته .. فيقول بهذا الصدد ..
أنه وجد في إحدى مناطق التبت قبيلة تدعى البغراج يعملون في السلاح و كان لهم ملك قوي يدعي أن نسبه يعود إلى يحيى بن زيد .. وكان لهذا الملك مصحف مذهب على ظهره أبيات من الشعر في رثاء زيد .. و بعد إقامته عندهم لمدة من الزمن إكتشف أنهم يعبدون المصحف .. و يقولون أن زيد ملك العرب و أن علي إبن أبي طالب إله العرب .. وكان الحكم عندهم وراثة في العلويين من نسل زيد .. و لاحظ أبودلف أنهم إذا إستقبلوا السماء فتحوا أفواههم شاخصين بأبصارهم بشكل مثير و يزعمون أن علي ينزل و يصعد إليها ..
و أن ملوكهم ذو أنوف قائمة و عيون واسعة و يأكلون لحوم الضأن الخراف دون النعاج..
و يستمر أبودلف سرده أثناء الرحلة أنه إلتقى بقبيلة أخرى تدعى تبت .. و لهم مدينة من القصب يعيش بها المسلمون و المجوس و النصارى و أنهم يعطون الجزية لملك البغراج .. و نظام الحكم عندهم إنتخابي ديمقراطي .. ليس وراثي .. لينتقل أبودلف ليحدثنا عن منطقة أخرى لقيها في طريقه تدعى القليب تقطنها قبائل عربية بدوية تخلفت عن تبع الملك الذي يظن أنه غزا الصين منذ زمن طويل .. القبائل مازالت تعبد الأصنام و كان كلامهم بالعربية القديمة لا يعرفون غيرها و يكتبون بالحميرية .. والحكم فيهم وراثي و لهم قوانين و أحكام تنظم حياتهم الإجتماعية و الإقتصادية و تربطهم علاقة هدنة مع الصين ..
هذه من الأمور الذي نقلها الرحالة أبودلف عن مشاهداته لمنطقة التبت المحادية للصين ..
و يستنتج أن الغزو السكاني العربي القادم من اليمن للتبت .. كان منذ عصر الدولة الحميرية في اليمن .. و أن عدة قبائل هاجرت من اليمن و إستقرت بالتبت قبل ظهور الإسلام و بعد ظهوره..
و بالنسبة للزيدية و هي طائفة دينية إسلامية .. إنتقلت إلى الحدود المتاخمة للصين بهجرة مجموعات سكانية تتخد من هذا المذهب معتقدا.. و من الواضح أن بمرور الوقت أخذ المذهب عندهم طريقه إلى التحريف .. حتى تحول عندهم علي إلى مثابة إله ..
و يعد أبودلف أول من تطرق للموضوع بشكل مستفيض و عبر مشاهداته العينية .. و إن كان ابن الفقيه الهمداني قد سبق أبودلف و أشار إلى إستوطان العرب للمنطقة في قوله عن سمرقند : (و خربها شمر بن أفريقيس فسميت شمركند و بناه بعده تبع ابن ابن شمر و ردها إلى أفضل ما كانت و توغل في أرض الصين فقتل ملكها و بنى مدينة تبت و أسكن بها جيشا من أصحابه فهم اليوم بها..) هذه الفقرة من كتاب مختصر كتاب البلدان ص326
و جاء المسعودي في القرن الرايع الهجري و بعده الحموي في القرن السادس و القزويني في القرن السابع و الدمشقي في القرن الثامن و النويري من القرن التاسع فأعادوا سرد ما أخبر به أبودلف أو بعضه ..
إلا أن المؤرخين و الجغرافيين العرب القدمى إختلفوا حول من هو المسؤول الأول المنشئ للعلاقة بين تواجد القبائل العربية في التبت المحادية للصين ..
فنرى أن المؤرخ المسعودي يرجح أن يكون كليكرب بن تبع ملك حمير الملقب بالأقرن في القرن الرابع الميلادي قد زحف بألفي فارس مستهدفا خراسان و الصغد و الصين ..
بينما يرى النويري أن القضية تعود قبل ذلك إلى القرن الثالث الميلادي .. حينما زحف الملك الحميري و يدعى شمر يرعش بما يقارب من 300ألف جندي لغزو بلاد العجم و خراسان .. فخرب الصغد وراء جيحون و بنى مدينة تحمل إسمه و التي أصابها التحريف وهي سمر قند .. واصل الملك الحميري شمر زحفه حتى بلغ بلاد الصين .. فتعرض شمر لخدعة من وزير الملك الصيني الذي إدعى أنه مستعد في مساعدتهم لإجتياح الصين بسبب خلافه مع الملك الصيني .. فوثق الملك شمر بالوزير الذي قادهم إلى صحراء قاحلة .. فأجهدهم السير و استبد بهم العطش و الجوع فخرا كثير منهم قتلى .. و بذلك نجت الصين من حكم العرب الحميريين.. (و يرجح أن تلك المنطقة هي التبت و ربما بقي بعض النجاة من جيش شمر فإنصهروا في المجتمع التبتي فأسسوا اللبنة الأولى للقبائل العربية بالمنطقة).. مجرد رأي شخصي
و يرجح مؤرخون أخرون أن الملك أسعد أبي كرب420-385م.. هو الذي غزا أذربيجان و هزم الترك و أقام هدنة مع ملوك الهند وواصل زحفه إلى الصغد و استمر حتى إجتاح الصين .. ثم ولى عائدا إلى موطنه حاملا معه الغنائم و الآسرى .. وترك هناك بعض قومه من التبابعة الحميريين الذين استوطنوها و تناسلوا بها..
و مهما يكن من هو المسؤول عن ظهور العرب في التبت .. فإن الحميريين الذين كانوا أهل حضارة قديمة في ذاك الزمن قد ساهموا في تأسيس حضارة للتبت التي كانت ترزح في البداوة القاحلة فقد تعلم أهل التبت الأصليين القراءة و الكتابة و صناعة القسي و السهام للدفاع عن كيانهم من الأعداء ..
و يرجح البعض أن كلمة تبت هي مصطلح مأخوذ من كلمة ثبت .. ويقصد هنا أن بعد أن غزا العرب المنطقة و هنا يقصدون الحميريين قد ثبتوا في المنطقة و استقروا فحرفت إلى التبت ..
آراء في نفس المنوال:
يرى المؤرخ القزويني : بأن أهل التبت ترك في أصلهم .. و أن بهم نسل من حمير جاءوا في زمن التبابعة ..
و يرى الدمشقي العربي 727هجرية .. بأن أهل التبت حضر و بدو .. ولغتهم التركية و كانوا يسمون من يملكهم تبع فصاروا يسمونه خاقان و ناحيتهم بين الترك و الهند و الصين و هم أشبه بالعرب في الألوان و الخلق من سائر الأمم..
و من المرجح أن أهل التبت غيروا لغتهم العربية القديمة .. إلى التركية ..
ملاحظة
لا توجد معلومات موثقة أو مؤكدة .. و يبقى ما ثم سرده هنا يعود إلى زمن غابر إعتمد في جمع المعلومات شفهيا أو عبر كتب لم تستوفي الموضوع الكثير من الشرح..
كما لا يوجد بحوث حديثة تتطرق للموضوع بشكل علمي في زمننا الحالي ..
لكن لا نغفل من أن هناك الكثير من الأسر الصينية والتبتية التي تدعي أن لها أصول عربية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق