يصنف جون براون (John Brown) كواحد من أبرز المناهضين للعبودية بالولايات المتحدة الأميركية خلال الفترة التي سبقت تولي أبراهام لينكولن (Abraham Lincoln) الرئاسة فقبل أشهر من اندلاع الحرب الأهلية الأميركية، والتي أجهضت على إثرها العبودية بالبلاد، قاد جون براون حركة مسلحة لمساندة قضية العبيد بالولايات الجنوبية انتهت بحمام دم، وأسفرت عن تزايد حدة التوتر بين الشماليين، المناهضين للعبودية، والجنوبيين المؤيدين للعبودية خلال فترة حساسة من تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
خلال فترة حياته، تنقل جون براون بين العديد من المناطق الأميركية كأوهايو وبنسلفانيا وماساتشوستس ونيويورك، حيث عمل الأخير في مجالات مختلفة لتلبية حاجيات عائلته متعددة الأفراد. وفي حدود العام 1849 استقر الرجل الأبيض جون براون بنورث إلبا (North Elba) والتي كانت منطقة يقطنها أشخاص ذوو أصول إفريقية بنيويورك.
أثناء فترة تواجده بنورث إلبا، لاحظ جون براون مدى معاناة ذوي الأصول الأفريقية بالمجتمع الأميركي وانطلاقا من ذلك أكد الأخير على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية بالبلاد ووضع حد للعبودية بالولايات الجنوبية وبدل اعتماد خيار النضال السياسي والحقوقي فضّل جون براون اللجوء للسلاح لإنهاء معاناة العبيد بجنوب الولايات المتحدة الأميركية.
سنة 1855 اتجه جون براون رفقة خمسة من أبنائه ليشارك في أحداث كانساس الدامية (Bloody Kansas) ليساند جهود مناهضي العبودية بالمنطقة. ومع حصوله على عربة مليئة بالبنادق والذخيرة كسب براون مكانة هامة وتحول لقائد مجموعة مسلحة مناهضة للعبودية بمدينة أوساواتومي (Osawatomie) بكنساس.
يوم الواحد والعشرين من شهر أيار/مايو سنة 1853 قادت مجموعة من مناصري العبودية هجوما داميا على تجمع سكني لمناهضي العبودية بمنطقة لورانس (Lawrence) بكنساس. وحال سماعه بالحادثة اتجه جون براون للثأر والانتقام نصرة لقضية إجهاض العبودية، فما كان منه إلا أن شن هجوما عند مقاطعة فرانكلن (Franklin County) أسفر عن مقتل خمسة من مناصري العبودية.
خلال ربيع سنة 1858 تزعّم جون براون اجتماعا لعدد من مناهضي العبودية والعبيد السابقين بمنطقة تشاتام (Chatham) بمقاطعة أونتاريو (Ontario) الكندية. وخلال هذا الإجتماع وافق الجميع على دستور جديد اقترحه براون للولايات المتحدة الأميركية فضلا عن ذلك اختير الأخير كرئيس لحكومة صورية. وبالتزامن مع ذلك قدّم جون براون خطة سعى من خلالها لإنشاء وطن بجبال وغابات كارولينا الشمالية وفرجينيا للعبيد المحررين تنطلق منها الحملة لتحرير بقية العبيد بالجنوب.
على الرغم من حصوله على دعم مادي كبير من قبل العديد من الأثرياء المناهضين للعبودية، فشل جون براون عقب كشفه لخطته في جمع عدد كاف من الجنود لإقامة هذا الوطن لينطلق سنة 1859 نحو ولاية ماريلاند (Maryland) رفقة ستة عشر رجل أبيض وخمسة من ذوي الأصول الإفريقية.
وليلة السادس عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1859، قادت مجموعة جون براون هجوما مسلحا على مخزن الأسلحة الفيدرالي ببلدة هاربرز فيري (Harpers Ferry) بفرجينيا تقع بفرجينيا الغربية حاليا تمكنت خلاله من أسر حوالي 60 شخصا. ومن خلال هذه العملية توقع جون براون أن يثور العبيد بالمناطق القريبة ليلتحقوا بجيشه ولتبدأ بناء على ذلك عملية تحرير العبيد ببقية الولايات.
وفي الأثناء جاءت النتائج مخيبة للآمال. فخلال اليوم التالي أجبر جون براون على الاستسلام للجنرال روبرت إدوارد لي (Robert Edward Lee) حيث حلّ الجيش الأميركي ليطوق المنطقة قبل أن ينجح في إنهاء ثورة جون براون ضد العبودية عقب حمام دم أسفر عن مقتل عشرة من أتباع بروان كان من ضمنهم اثنان من أبنائه.
لاحقا، مثل جون براون أمام القضاء لتوجه إليه تهم عديدة كالقتل وقيادة تمرد والخيانة وليصدر في حقه عقب ذلك حكم بالإعدام شنقا جرى تنفيذه يوم الثاني من شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 1859.
في غضون ذلك، جاءت حادثة إعدام جون براون لتزيد من حدة التوتر بين مناهضي العبودية ومؤيديها قبل نحو سنة واحدة من اندلاع الحرب الأهلية الأميركية والتي استمرت لأكثر من أربع سنوات لتسفر عن مقتل ما يزيد عن 600 ألف أميركي وتنتهي بإجهاض العبودية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق