22‏/11‏/2018

ليلى المحروقة ضحية القدر مقال بقلم هشام بودراhibo


ولدت ليلى في سنة 1971بمدينة بني ملال بالمغرب .. و حسب ما قيل لليلى قد هجر الأب الأم منذ كانت رضيعة بحيث لم يسبق لها أن رأته .. و بعد مدة قصيرة من ولادة ليلى توفيت الأم فإنتقلت ليلى للعيش مع أقاربها .. و بعد معانات طويلة من الإنتقال من بيت إلى بيت قررت الهرب في سن المراهقة .. لم تتلقى ليلى أي تعليم يخول لها فرص عمل أو معرفة لكن حبها للرسم و ولعها به جعلها شغوفة بهذا الفن النبيل فقد وجدت في الرسم وسيلة لإفراغ ما في كينونتها من مشاعر و طاقات سواء عبر الرسم على الورق أو عبر خربشات على الحيطان ..
و في سنة 1987قررت ليلى الفرار بشكل مطلق من إحدى قرى بني ملال إلى مدينة الدار البيضاء بعد أن حملت بشكل غير شرعي من شاب من نفس القرية .. ومخافة العار أو التصفية الجسدية من أقربائها .. و في إحدى الأحياء الصفيحية بالدار البيضاء تعرفت ليلى على إمرأة ساعدتها على إنجاب طفلها و من ثم وهبه إلى إحدى الأسر التي حرمت من الأطفال .. و ربما بمقابل مادي .. لم يكن هم ليلى إبنها المولود حديثا فهي كانت بحاجة للمال لدفع إيجار الغرفة الصفيحية و العيش و لعب الجهل دوره لتحويلها إلى فتاة هوى تقدم خدمات جنسية للمجرمين و أشباه المشردين مقابل دراهم معدودة و نتيجة معاشرتها للمتشردين و المجرمين فقد تحولت ليلى الجميلة إلى مدمنة مخدرات (الحشيش .. و المواد اللاصقة من الصنف القوي.. الحبوب المخدرة الصلبة و غيرها).. فتحولت بدورها إلى متشردة تقدي جل وقتها بين الدعارة و الرسم على جدران الأزقة و في الليل تفترش الإسفلت و غطاءها علب الكارتون .. و نظرا للخربشات التي كانت ليلى تخطها على جدران المنازل فقد ثم طردها من المكان .. فغادرت المدينة القديمة و توجهت للإستقرار بين أزقة البرنوصي و عين السبع و سيدي مومن و هناك أصبحت معروفة من المتشردين و سكان المنطقة بالفنانة المتشردة .. و ذات مرة رآها شاب يدرس في كلية الحقوق بالرباط و هي ترسم فأعجب بأعمالها و قدم لها مجموعة من أدوات الرسم و طلب منها أن تنجز أعمالا خاصة بها .. و بعد ذلك أخذ الأعمال و آراها لوالده الذي طلب منه أن يحضرها للعيش مع الأسرة في منزلهم ..
فرحت ليلى كثيرا لهذا الطلب .. فلم يسبق أن طلب منها أي شخص هكذا طلب إنساني ..
هنا تتكلم ليلى فتقول : تعودت أن أطرد من البيوت لا أن أدعى للدخول إليها 
 توجهت ليلى و إستقرت مع الأسرة و كانت تقدم خدمات منزلية تساعد بها ربة المنزل .. مقابل العيش معهم و النوم ليلا في المطبخ ..و ذات ليلة و لأن القدر اللعين لا يمتحن إلا التعساء في هذا  العالم .. و بينما كانت تسهر على إنضاج الخبز داخل الفرن .. و أثناء فتحها لباب الفرن إندلعت النيران بشكل مباغث و ملتهب في جسد المسكينة ليلى فأصابها في وجهها و عنقها و جل أطراف جسدها .. ما تسبب لها في إصابات خطيرة و محزنة .. 
و بعد شفاءها .. لم تتحمل ليلى صدمة الحادث فتركت منزل الأسرة المستضيفة .. و توجهت إلى درب السلطان حيث تعمل كعاملة نظافة بمقهى شعبي .. تسرد ليلى قصة حياتها و هي تدخن الحشيش بشراهة .. و لا تجد ما يشفي بعض غليلها نحو هذه الحياة اللعينة التي دمرتها سوى دفتر تحتفظ به بشكل دائم تخط و ترسم فيه ما يختلجها بين الفينة و الأخرى .. 
و لي مقولة دائما أرددها .. الفن هو دين التعساء 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق