02‏/02‏/2019

بين الحقيقة و الخيال : بصمة القدم بقلم هشام بودراhibo


كان الكولونيل بوكس من مدينة بوكسبورت ماين حازما بشأن شنق الساحرات .. بعد أن أعدمت الكثير من الساحرات في مدينة سالم بماساشوستس سنة 1692وخاطب مجلس المدينة بشأن الأمر مرارا وتكرارا .. وذات يوم توصل ببلاغ  من طرف أشخاص يعيشون بمدينته  يتهمون  إمرأة عجوز تدعى كومفورت أنيسورث بممارسة السحر  (إختلف المؤرخون حول إسم المرأة .. إلا أن الكاتبان نيجل بلوندل و روجر بور صاحبا كتاب أغرب أشباح العالم أكدا أن إسمها كومفورت و كان عمرها يتجاوز التسعين) .. 
فقدمت المرأة للمحاكمة في جلسة علنية حيث إحتشد المئات من سكان المدينة .. بدت ملامح العجوز غاضبة .. من قرار الكولونيل بتقديمها للعدالة .. حيث نفت بشدة أن تكون قد مارست السحر .. لكن شهود أكدوا بأنهم رأوها و هي تمارس السحر .. وفي تلك الفترة كان مجرد شهادة شاهد و لو زورا قد تقودك للإعدام شنقا .. و رغم إصرار العجوز على براءتها .. إلا أن الكولونيل بوكس شوهد يهمس في أذن القاضي .. أثناءها علم الحشود أن مسألة إعدام العجوز مسألة وقت .. و بعد لحظات أعلن القاضي حكمه النهائي بإعدام العجوز .. وقال لها : أنت لن تعاني من كونك ساحرة بعد الآن .. و أمر بشنقها باليوم التالي ..
و في لحظة إنفعال وجهت العجوز إصبعها نحو الكولونيل .. و صرخت به في غضب : طيلة حياتي لم ألعن أحدا .. لكنني سألعنك يا سيدي .. لأنك وأعوانك تآمرتم من أجل إيصالي إلى المشنقة .. لذلك إنتبه جيدا لما سأقول .. عندما ستذهب إلى قبرك و سيكون ذلك قريبا فإنني سأترك بصمة قدمي على شاهده .. و ستبقى هناك إلى الأبد حتى لا ينسى أحد هذا اليوم..
و في اليوم التي شنقت فيه العجوز .. لم يجرؤ الكثيرين على الحضور لمشاهدة عملية الشنق من بينهم الكولونيل بوكس ..
و بعد ثلاثة شهور من المحاكمة توفي الكولونيل بمرض مجهول .. و سبق أن أضاف  سطرا جديدا لوصيته يطلب من إبنه أن يكون شاهد قبره من الرخام الأملس حتى لا يستطيع أحدا تلطيخه أو تلويثه .. و لكن بعد مدة من دفن الكولونيل جاء عامل المقبرة مذعورا إلى عائلته و أخبرهم أنه وجد بصمة قدم مجهولة على شاهد القبر و لكنه لم يستطع تنظيفها رغم  محاولاته الكثيرة.. 
فقامت عائلة الكولونيل بتغيير شاهد القبر بشاهد جديد .. وذلك في السر حتى لا تنتشر الشائعات بين سكان المدينة ..
و لكن بعد عدة أيام عثر السكان على بصمة القدم ما آثار الرعب في النفوس .. وإنتشر الخبر بسرعة و حاول إبن الكولونيل تبرير الأمر بأنه عمل تخريبي لكن لا أحد صدق كلامه ..
و برهانا على تفسيره .. قام الإبن بتغيير شاهد القبر بأخر جديد أمام الجميع هذه المرة .. لكن المفاجأة كانت صادمة .. فقد عادت البصمة الملعونة للظهور على الشاهد الجديد بعد مدة .. فإستسلمت عائلة بوكس للأمر الواقع  و تركت الشاهد على حاله ..
و يروى أن البصمة بقيت على شاهد القبر لعشرات السنين .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق