22‏/08‏/2018

قصة قصيرة : لعنة الجزيرة المهجورة بقلم هشام بودرا hibo

روى لنا أحد قراصنة البحار قصة غريبة عجيبة ، تحكي القصة أن قرصانا من أخطر القراصنة الذين جابوا البحار و المحيطات على مدى زمن طويل في هذا المجال المثقل بالمجازفة و المغامرة و المخاطرة و الجريمة .. و كان لقب القرصان الذي إشتهر به هو قرش نسبة لسمك القرش و ذلك لشراسته و شجاعته و غذره و يروي الراوي أن قرش وصل بسفينته إلى إحدى الجزر المهجورة وسط المحيط الشاسع المدى فقرر الرسو بالسفينة على الجزيرة و كان له ذلك لكن بمجرد نزوله مع أتباعه تعرضوا لهجوم مفاجئ من طرف مجموعة  من الهياكل العظمية البشرية كانوا مدججين بأسلحتهم المعتادة سيوف و مسدسات و بندقيات صيد ، و ما لبث أن إشتبك الطرفان في معركة حامية الوطيس تمكن خلالها قرش و أتباعه من تلقين المهاجمين درسا في الإستبسال فتشتت عظام المهاجمين في ساحة المعركة عن آخرهم .. إنتابت قرش و أتباعه فرحة عارمة نشوة بالإنتصار المحقق و بعد أن أستولوا على أسلحة الهياكل العظمية قرر الزعيم قرش إقامة مخيم إستكشافي قرب الشاطئ و قسم أتباعه لعدة مجموعات بغرض إكتشاف الجزيرة و أخذ كل منهم إتجاها محددا على أن يجتمع الجميع مجددا قرب نقطة الإنطلاق حيث المخيم قبل أن يعم الظلام الجزيرة .. بينما قرر الزعيم الإنفراد وحده في بحثه حيث سلك طريقا و سط الأشجار الكثيفة الملتفة متسلحا بمدية حادة و مسدسان على خصره و بندقية على ظهره العريض الواسع .. كلما عاقه غصن من التقدم هوى عليه بمديته قاذفا إياه بعيد ا بكل سهولة و مرونة .. إستمر قرش في إختراق تلك الأذغال بكل ثقة غير آبه للمخاطر أو ما قد يلقاه في طريقه و لكن ما أثار إستغرابه هو عدم وجود أي كائنات حية من طيور أو آفاعي  أو حيات أو حتى حشرات زاحفة أو طائرة لكنه لم يآبه للأمر كعادته و بعد مدة من الزمن ترامى لبصره  مغارة  واضحة المعالم و كأنها تنادي لمن يرغب في ولوجها.. ارتسمت إبتسامة واسعة على وجهه الضخم حتى بانت أسنانه الدامسة اللون من شدة التدخين .. بلع ريقه سحب مسدسا من على خصره و ولج المغارة و لكن الغريب أن المغارة كانت  مضاءة  بقنديل آخذا مكانه على صخرة  في أعلى المغارة .. ظن قرش للوهلة الأولى أن هناك شخص ما داخل المغارة و فكر في تصفيته بمجرد رأيته لكن تبين فيما بعد أن لا أحد في  المغارة غيره .. تناول القنديل من الأعلى . . أعاد مسدسه إلى مكانه و قرر خوض مغامرة الغوص داخل المغارة لعله يجد ما يشفي طمعه و رغباته المادية و بعد عدة خطوات كان بريق الذهب و الألماس يبرق في بؤبؤيه رفع المصباح بيده بسرعة للأعلى قليلا .. و كانت المفاجأة العظمى أكوام من التماثيل و المجوهرات الذهبية المرسعة بالألماس طار قرش فرحا بهذا المكسب السهل المنال  حتى كاد لا يصدق نفسه هل هو في حلم أو حقيقة .. خلالها قرر العودة إلى المخيم ليخبر أتباعه ليبدؤوا عملية سحب هذه الكنوز نحو المخيم و من هناك إلى السفينة مباشرة .. هرول قرش كالمجنون كانت الفرحة و قهقهاته تخترق صمت الجزيرة المرعب .. كانت أفكار المشاريع المستقبلية تجتاح مخيلته .. سأشتري قصرا و سفينة جديدة و يخثا للعطل  و ربما جزيرة في بحر الكاريبي أو في أندونيسية و ربما  أشتري بلدا و أحكمه .. كانت الأفكار في مخيلته تجر بعضها بعضا .. و لكن بمجرد أن وطئت قدميه المخيم على الشاطئ إنتابت قرش الصدمة من هول المفاجئ .. سفينته الراسية على شاطئ الجزيرة تحترق كما لو أنها تعرضت للعنة .. صاح قرش كالمخبول اللعنة عليكم سفينتي تحترق .. أين أنتم أيها الأوغاد .. و يقصد أتباعه فتش المخيم لكن لا أحد هناك .. لم تكن أي مجموعة عادت بعد .. كان الدخان المنبعث من السفينة المحترقة كخنجر يطعن قلب قرش .. خر على ركبتيه و أخذ يبكي و يولول على حظه العاثر .. و يبكي سفينته المحبوبة التي عاشت معه ما يقارب 30 سنة و تلك مدة تتجاوز مدة ما عاشته معه زوجته التي قتلها في نوبة غضب إجتاحته .. و بعد لحظات حاول قرش تهدئت أعصابه و إنتظار أتباعه للبحث عن حل للمشكل .. كان قرش يسائل نفسه من تجرء على حرق السفينة .. أحس للوهلة الأولى بالخوف .. و تسائل هل هناك محاولة من أتباعه لتصفيته .. كانت الأسئلة تجتاح مخيلته .. إهدء يا قرش سيعودون و ستعلم الحقيقة .. أسدل الليل ستائره و لم يعد أحد من أتباعه .. كان الهلع و الرعب سيد الموقف ها هو قرش أخطر القراصنة في حالة يرثى لها .. وحيدا جائعا خائفا من المجهول .. كان قرش يردد يا ويلي ما العمل .. ما الحل .. يا مصيبتاه .. تسائل .. هل يذهب للبحث عن أتباعه .. أم ينتظر حتى بزوغ شمس يوم جديد ربما أتباعه تاهوا .. أوقد قرش نارا ليتدفئ من البرد القارس في ليل الجزيرة .. كان جسده الذي غطاه بعدة بطانيات يرتعد من البرد القارس .. كلما قذف بقطع الخشب أو بعض المقتنيات التي تعود له و لأتباعه للنار الموقدة زادت شدة البرد عليه .. أحس بأن دماغه لم يعد قادر على التركيز أو التفكير .. صاح كالمجنون : أيتها الجزيرة اللعينة ما  تريدين مني ..؟! تمالك نفسه حمل مديته  ثم وقف يلوح به للسماء سأهزمك كما هزمت غيرك .. أنا قرش ملك البحار و المحيطات أنا الأسطورة الخالدة .. كان قرش يقهقه تارة و يبكي تارة و يضحك تاركة كمن فقد عقله .. خر بعدها ساجدا طالبا المغفرة و الصفح من الجزيرة متوسلا إياها بمنحه فرصة لإصلاح خطئه بغزوها  ..أثناء كل هذه الأحداث هبت عاصفة قوية أطفئت النار الموقدة معيدة الجزيرة إلى عتمتها المعتادة المرعبة .. كأنه رد من الجزيرة على عنتريات قرش .. بعدها عم الهدوء المكان و إختفى صوت قرش في عتمة الظلمة المهولة .. ها هو يوم مشمش آخر يبزغ على الجزيرة .. الهدوء يسود المكان و كأن الجزيرة إبتلعت كل شيء عكر صفوها .. مرت السنون سريعة و هاهي سفينة قراصنة جدد ترسوا على شاطئ الجزيرة للبحث عن الكنوز المفقودة من زمن طويل .. خلالها تعرض القراصنة الغزاة لهجوم مفاجئ من هياكل عظمية بشرية مدججة بالأسلحة  سيوف و مديات و مسدسات و بنادق صيد كان زعيم الهياكل يصيح في وجه الغزاة الجدد أنا قرش الأسطورة الخالدة سألقنكم درسا أيها التلميذ الكسلاء .. إندلعت معركة حامية الوطيس تلقى خلالها قرش و أتباعه هزيمة نكراء كما تناثرت عظامهم في كل مكان في ساحة المعركة .. نظر زعيم الغزاة الجدد  إلى أتباعه و أمرهم بالعودة إلى السفينة و الرحيل فورا .. تساءل أتباعه عن السبب فربما يجدون كنوزا على الجزيرة أومئ لهم برأسه بأنه سيخبرهم بالسبب بعد أن يتركوا الجزيرة .. سحب الغزاة سفينتهم و أبحروا بعيدا .. هناك أصر الأتباع على زعيمهم أن يخبرهم سر تلك الجزيرة .. قال بصوت خافت و كأنه يتجنب سماعه من قوى غير مرئية .. إنها الجزيرة الملعونة تلك المذكورة في كتاب القراصنة المقدس .. إرتسم الهلع على وجه الأتباع و من بينهم من روى لنا القصة .. القصة مصداقيتها على عهدة القرصان الراوي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق