21‏/11‏/2018

التضحية من أجل الآخرين مقال بقلم هشام بودرا hibo

كان يوري ليلكوف ملازما سابقا في الجيش السوفياتي و مدرسا عسكريا في إحدى المدارس و ذات صباح بينما كان يوري منهمكا في شرحه لتلامذته الصغار في القسم كيفية إبطال مفعول القنايل اليدوية .. (جزء من التدريب العسكري في المدارس في حقبة الإتحاد السوفياتي ) .. خاطب الملازم يوري تلاميذته و هو يمسك بإحدى القنابل بين يديه : ( كل ما يجب عليكم أن تفعلوه هو الضغط على صمام الأمان ، ثم شد الحلقة إلى الخارج !)
راقبوني جيدا و أنا أقوم بهذه العملية البسيطة أمامكم !!
ضغط يوري على الصمام و شد الحلقة إلى الخارج ثم إسترسل كلامه : ( و الآن عندما أترك الصمام يعود إلى مكانه الأول سوف تسمعون صوتا يشبه دقات الساعة ، لأن هذه القنبلة هي مجرد نموذج لقنبلة حقيقية ، فالأمر يختلف مع الثانية ، لأننا عندما نعيد الصمام إلى مكانه ينطلق عمود رفيع من الدخان ، ثم يحدث الانفجار بعد لحظات من إلقاء القنبلة على الهدف!)
و فيما كان يوري منهمك في الشرح لتلاميذته و أثناء عملية تجريب ما شرحه و لكنه ما كاد يفعل حتى شاهد عمودا رفيعا من الدخان يخرج من القنبلة ، فهي لم تكن نموذج كما كان يتوقع بل كانت قنبلة حقيقية وضعت عن طريق الخطأ !
لم يكن أمام يوري متسع للتفكير فالقنبلة ستنفجر بعد ثواني معدودات فماذا عساه يفعل .. فكر يوري لو رمها من نافذة القسم إلى فناء المدرسة فهناك تلاميذ يلعبون .. كما لا يستطيع إلقائها من الباب فهناك أقسام دراسية أخرى على جانبي الممر الطويل الذي به الأقسام الدراسية على جانبيه ... 
خلالها أمسك يوري بالقنبلة بكلتا يديه بقوة و ابتعد حتى اقترب من الحائط تماما و ادار ظهره لتلاميذته بعدما ألصق القنبة بجسده من الأمام ..
و فجأة إنفجرت القنبلة أخيرا ممزقتا جسد يوري إلى أشلاء .. لكن لم يصب أحد من تلاميذته بسوء ..!
فاستطاع بجسده أن يمنع الشظايا الصغيرة من الإنتشار في قسمه الدراسي الذي كان يضم ما يقارب العشرين تلميذا بين الرابعة عشرة و السادسة عشرة ..
عندما علمت زوجة يوري بما قام به زوجها من تضحية لإنقاذ تلاميذته من موت محقق ..  قالت بنبرة يعلوها الفخر ( لقد مات يوري بطلا .. و سوف أروي لإبنه الصغير ما صنعه والده حتى يستطيع أن يمشي دائما مرفوع الرأس بين زملائه ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق