06‏/06‏/2018

الإختفاء الغامض لفاطمة -قصة قصيرة كتبها هشام بودرا

في حدود الساعة الثانية و النصف ليلا ، استيقظت الأسرة على صراخ أمل ..

أسرع الأب و الأم نحو غرفة نوم البنات ، دفع الأب الباب بقوة ، أضاء أنوار الغرفة ، أثناءها توجه ببصره حيث سريري أبنتيه فاطمة ذي الخامسة عشرة سنة ، و أمل ذي العشر سنوات ، وإذا به يجد أمل قابعة في مكانها وهي تنتفض ويعلو وجهها الهلع وهي تصرخ وتنادي على أختها فاطمة ..



أتجه الأب صوب أمل وأخذها بين ذراعيه يحاول تهدئتها بينما كان السؤال الملح يخرج في نفس اللحظة من فمه : أين هي أختك فاطمة ..؟

لم تنتظر الأم إجابة أبنتها على السؤال ، ولكن اندفعت نحوها وضمتها إلى حضنها وهى تقول : ما بك يا حبيبتي ؟

وانهالت عليها تقبلها في رأسها تارة ، وتضمها إلى صدرها تارة ، و تجوب ببصرها في أرجاء الغرفة تارة ثالثة ثم فجأة وكأنها تذكرت شيئا هاما كانت تبحث عنه سألتها : أين هي أختك ؟



نظرت أمل باتجاه النافذة و الكلام بالكاد يخرج من فمها :

رأيت فاطمة قرب النافذة وكأنها تراقب شيئا ظهر فجأة في السماء و بعد ثواني قليلة من ذلك اختفت من أمامي و كانت آخر كلماتها ، صحن طائر ، صحن طائر، شعاع ، شعاع ..!

خبطت الأم على صدرها ثم صاحت يا ويلي .. ماذا تقولين يا حبيبتي ..

ردت أمل : هذا ما حدث يا ماما ..

الأم : على ما يبدو أنك تهذين جراء كابوس مزعج

ردت أمل : لا .. يا ماما ..

توجه الأب مسرعا نحو النافذة نظر نحو السماء فلم يجد شيئا توجه نحو باب الشقة فوجده مغلقا من الداخل على نفس حالته حينما أغلقه بنفسه بعد عودته من العمل في حدود الساعة الثامنة مساءا ..

أنطلق يعدو كالمجنون يفتش عن أبنته في جميع أنحاء الشقة ، ولكنه لم يعثر لها على أثر فعاد إلى أمل مرة أخرى يسألها عما حدث بالضبط فقالت له نفس الكلام السابق ، ازدادت حيرته ، وأنطلق صراخ الأم يرجّ المكان في سكون الليل ..



أستيقظ الجيران على وقع صراخها واندفعوا يطرقون باب الشقة من الخارج .. فتحت لهم الباب وروت لهم الأم ما حدث وهي تبكي وتنادي على إبنتها .. إندفع الجيران يفتشون الشقة مرة أخرى ولكن لم يعثروا لفاطمة على أثر ..

ظلت الشقة تعج بالحركة حتى أشرق نور الصباح ..

إنطلق الأب رفقة مجموعة من رجال أهل الحي إلى أقرب مخفر للشرطة ، حيث حكى الأب ما أخبرته به إبنته أمل عن إختفاء فاطمة الغامض ، أمام دهشة و إستغراب رجال الأمن ..

مر يومان كاملان ، لم تفلح جميع المحاولات في العثور عليها ،بينما أكدت تحريات الشرطة مع الأسرة وبواب العمارة أن باب الشقة وكذا باب العمارة كانا مغلقين من الداخل ولم يفتحا طوال الليل !

و هكذا انقلبت حياة الأسرة و الحي رأسا على عقب

و لكن في اليوم الثالث شعرت الأم بشيء في غرفة البنات توجهت نحو الغرفة بكل حذر لتجد مفاجأة من العيار الثقيل ! فاطمة تغط في نوم عميق !

فركت عينيها جيدا لعلها تحلم توجهت نحوها بهدوء ..

فاطمة .. فاطمة .. أبنتي الحبيبة هل هذه أنت أم أنا أهذي ؟ وأخذت تتلفظ بعبارات غير مفهومة وهي تضحك وتبكي في آن واحد ..

هرول الأب مسرعا بعد سماعه لهذيان زوجته ، وبمجرد أن رأى فاطمة على السرير انتابته حالة من الفرحة والغضب خلالها استيقظت فاطمة على وقع صوت أمها ،غير مستوعبة ماذا يحدث ..

ماما ، بابا ما بكما ؟

أخيرا تمالك الأب أعصابه : أين كنت من ثلاثة أيام لقد بحثنا عنك في كل مكان ..

ردت فاطمة في ذهول : ماذا تقصد .. أنا لم أبرح مكاني أساسا ؟

لقد استيقظت لتوي على صوت ماما و هي تهذي ؟

الأم : يا بنتي لقد إختفيتي من ثلاثة أيام في ظروف غامضة ؟

ترد فاطمة و الإبتسامة ترتسم على فاهها : ماما .. إنك تمزحين أليس كذلك .. لقد كشفتكم .. مقلب آخر من مقالب أبي الغريبة ..

نظر الأب لزوجته في دهشة وحيرة مما تقوله إبنته ..

ثم حكت أمل لأختها ما حدث لكن دون جدوى ..

و رغم كل المحاولات لإقناع فاطمة .. أنها اختفت لثلاثة أيام متتالية إلا أنها ترفض تصديق القصة من الأساس ..

و ما زال الاختفاء الغامض لفاطمة و عودتها هو القاسم المشترك في أحاديث الجيران .. فالبعض ينسب إختفاءها و عودتها للجن و العفاريت أو الكائنات الفضائية والبعض الآخر يتهمون فاطمة و أمل بتأليف القصة من وحي خيالهم من أجل الشهرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق