19‏/12‏/2018

إنتفاضة مارس 1965الذي قتل فيها الآلاف .. وخطاب الحسن الثاني اللاذع مقال بقلم هشام بودراhibo


عرف المغرب منذ الإستقلال الوهمي مجموعة من الإنتفاضات منها الطلابية و منها العمالية ومنها النقابية . . لكن إنتفاضة الطلبة بالدار البيضاء في مارس1965تعتبر هي الأعنف و ذلك بسبب عدد القتلى الكبير الذين سقطوا بالآلاف ..  على يد قوات الأمن لمدة ثلاثة أيام متواصلة كان خلالها الجنرال أوفقير و اليد اليمنى للحسن الثاني يحلق في سماء الدار البيضاء بطائرة هيليكوبتير و يعطي أوامر القتل الجماعي للطلبة ..
و يتساءل البعض ما الذي أدى إلى إندلاع هذه الإنتفاضة .. و الجواب هو أن البلاد كانت تمر بمرحلة إقتصادية وسياسية حرجة بحيث تجاوز عدد العاطلين في الدار البيضاء وحدها إلى 300ألف عاطل و كان الحسن الثاني يرى في المعارضة خطرا حقيقيا على حكمه بعدما إستطاعت أن تستقطب الطلاب و العمال و الفلاحين  إلى جانبها .. و ما زاد الطين بلة هو القرار الذي أخرجته وزارة التربية الوطنية بآوامر من الحسن الثاني .. بأن يطرد من المدارس الثانوية كل من تجاوز سن الثامنة عشر و يتم إلحاقهم بالتعليم التقني (التكوين المهني) و كانت حجة الحسن الثاني بأن سوق العمل ليس بحاجة لمتعلمين بقدر حاجته إلى متمرسين في المهن .. لكن المتتبع للأحداث يرى أن الحسن الثاني كان هدفه سحب البساط من تحت أقدام المعارضة ..
بعد القرار إندلعت الإحتجاجات في الدار البيضاء و قتل خلالها الآلاف و زج بآلاف أخرين في غياهب السجون .. و في السابع من  يونيو من نفس السنة سيعلن الحسن الثاني حالة الإستثناء معلنا قيام مملكة يحكمها بمفرده دون حاجة إلى برلمان أو مؤسسات منتخبة شعبيا..
و  بعد سكون الإنتفاضة بإخمادها بالرصاص والدم .. ألقى الحسن الثاني خطابا مرتجلا لأول مرة منذ توليه العرش .. سيعترف فيه بأنه هو من أعطى الأوامر لجنراله أوفقير بقتل المتظاهرين واصفا الأمر بعين العقل من أجل إستتباب الأمن و تجنيب البلاد الفوضى و قانون الغاب ..متهما المعارضة بوقوفها وراء الأحداث لتدمير المملكة و الإستلاء على الحكم .. خلالها لم ينفي الحسن الثاني أن المغرب يشهد ظروفا إقتصادية و إجتماعية صعبة ورد ذلك حسب قوله إلى الهوة الواسعة بين الإنتاج و الإستهلاك بحيث لم يسجل الإنتاج الداخلي خلال العشر سنوات الأخيرة مثلا إلا 1،6في المئة في الوقت الذي إزداد فيه عدد سكان المغرب ما يقارب 3في المئة .. كما لم يعد الإنتاج الفلاحي يفي بالغذاء لمجمل ساكنة البلاد ..
ووجه الحسن الثاني كلاما لاذعا لأسر الطلبة قائلا:هل يخفي عليكم أيها الأباء و الأمهات أن جيلنا هذا سينقرض يوما وسيموت .. و أن الجيل الذي أخرجتموه إلى الشارع هو الذي سيخلفه .. إلى الأباء و الأمهات الذين دفعوا بأبنائهم إلى الشارع لأجل التظاهر .. كانوا مخطئين لأنهم عودوهم على الفوضى و قانون الغاب .. حذار ،حذار .. فمن تجرأ لك .. تجرأ عليك ..
و كان لرجال التعليم نصيب من الكلام الغاضب بحيث وصفهم بأشباه المثقفين قائلا لهم بنبرة حادة : أخيرا أتوجه إلى الأساتذة و أقول لهم إنه من عادة الرجال و عادة المثقفين بالخصوص أن تكون لهم الشجاعة الكافية للتعبير عن أفكارهم لا أن يستغلوا التلاميذ .. ولا أن يتستروا وراء الأطفال .. يجب أن يكونوا رجالا و يخرجوا هم إلى الميدان .. فهم أدرى بأحوالهم .. والسلطة أدرى بأحوالها .. إنهم يوصدون المدارس و يأمرون التلاميذ بمغادرة الفصول للخروج إلى الشوارع .. فلماذا لم يخرجوا هم أنفسهم بدل أن يخرجوا التلاميذ ؟ أين هي رجولتكم و شجاعتكم ؟ و لكن إسمحوا لي أن أقول لكم إنه لا خطر على أية دولة من الشبيه بالمثقف .. وأنتم أشباه المثقفين .. وليتكم كنتم جهالا..
أما المعارضة فخصها بكلام لا يقل حدة على ما سبقه واصفا إياهم بالجهل و الكذب و خطبهم بالكلام الفارغ الذي لا يستوعبونه بل يتشدقون به فقط من أجل مآربهم الخاصة ..
و يقول الحسن الثاني في نفس الخطاب أنه مؤمن بالديمقراطية و نظام الملكية الدستورية .. وسرعان ما ينتقل في خطابه لإنتقاد نواب الأمة و المنتخبين متهما إياهم بتضيع أوقاتهم في سفاسف الأمور غير مبالين بمشاكل الشعب كل ما يهمهم هو الحصانة البرلمانية و رواتبهم الشهرية مهددا و متوعدا إياهم بالحساب القريب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق