تعد قضايا التجسس من أهم القضايا التي شغلت الأنظمة و الشعوب على العموم لما تحتويه من مخاطر و مغامرات أشبه بأفلام الأكشن الهوليودية و اليوم سنسرد لكم قضية تجسس شغلت الرأي العام المصري مدة من الزمن في وقت كانت مصر تمر من مرحة حساسة و هي مرحلة ما بين الحربين و بإعتبار القضية لم تشمل شخص واحد بل أسرة مصرية بكاملها تجندت لخدمة العلم الإسرائيلي..
ولد إبراهيم سعيد شاهين في سنة 1929عاش حياته. كشخص بسيط و في حفل زفاف أحد الأصدقاء تعرف على فتاة تدعى إنشراح موسى أعجب بها .. و سرعان ما تطورت العلاقة إلى زواج .. خلالها كان إبراهيم يعمل ككاتب حسابات بمديرية العريش .. لم يكن راضي على راتبه الشهري الضئيل أو حياته الفقيرة التي كان يقبع فيها فقرر خوض غمار الإرتشاء لتحسين مستوى أسرته المعيشي .. لكنه سرعان ما سقط في شبكة الرقابة فزج به في السجن لمدة ثلاثة أشهر مع طرد من الوظيفة و سمعة سئية جدا أمام من كان يعرفه و يحترمه..
خرج إبراهيم من السجن كان يعاني من البطالة في ظروف الحرب التي كانت مصر تمر منها وكانت أسرته الصغيرة تعاني من الفقر و الحاجة .. أثناءها إجتاحت إسرائيل سيناء سنة 1967وبحاجة ملحة لجواسيس مصريين مقابل مبالغ مالية مهمة .. خلالها إستطاعت المخابرات الإسرائيلية من تجنيد مجموعة من المصريين من بينهم إبراهيم شاهين الذي وكلت إليه في بادئ الأمر مهمة سهلة و هي التنقل إلى بئر السبع و جمع معلومات عن المقاومة المصرية و إرسالها إلى ضباطه الإسرائيليين و نشر الأخبار الكاذبة و النكات الساخرة عن القيادة المصرية .. و تلقى عن عمله هذا مبلغ 2000دولار .. خلالها حسن ظروف معيشته مع أسرته .. فأثار ذلك حيرة زوجته التي طلبت منه الكشف لها عن سر المال .. فكشف إبراهيم لزوجته إنشراح عن سر عمله مع المخابرات الإسرائيلية الموساد.. أعجبت زوجته بعمله وطلبت منه أن يضمها إلى خليته التجسسية .. بعد مدة وافقت القيادة في الموساد على ضم إنشراح إلى عملها التجسسي فتم نقل الأسرة إلى القاهرة من أجل جمع معلومات أكثر عن المنشئات الحكومية و العسكرية المصرية .. و جعل الأسرة توطد علاقاتها الإجتماعية مع أسر أصحاب القرار في البلاد .. خلالها قامت الأسرة بتغطيت نشاطها التجسسي و ثراءها عبر نشاط تجاري أقامته يشمل بيع الملابس و الأدوات الكهربائية .. و استمرا في عملهما الإستخباراتي بكل نشاط فقد إستطاعوا خلال مدة من نسج علاقات قوية مع أسر أصحاب القرار في البلاد و إستطاعوا أن يجمعوا معلومات عدة عن المقاومة و أسمائهم في سيناء و مدى جهوزية الجيش المصري و الأسلحة التي يملكها و معلومات حساسة جدا.. و في سنة 1968طلب الموساد من الزوجان إبراهيم وإنشراح من السفر إلى لبنان و من هناك إلى روما حيث ثم تسليمهما وثيقتي سفر إسرائيلية بإسم موسى عمر و دينا عمر بغرض التوجه لإسرائيل للحصول على دورات تدريبية مكثفة .. تشمل تحديد أنواع الطائرات العسكرية و الأسلحةو التصوير الفوتوغرافي و جمع المعلومات العسكرية .. خلالها فوجئ كل من إبراهيم بحصوله على رتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي و زوجته على رتبة ملازم أول ..
إختراق الجيش:
بعد عودة الزوجان من إسرائيل .. وسعا نشاطهم التجاري و إنتقلا إلى مصر الجديدة حيث عملا على ربط علاقات مع ضباط عسكريون و طيارون في الجيش و قام الزوجان بتجنيد أبنائهم أيضا لصالح الموساد وطلب منهم ربط علاقات مع أبناء الضباط و الطيارين و جمع المعلومات و الأسرار العسكرية ..
سقوط الأسرة في قبضة المخابرات المصرية :
قبل بدء حرب أكتوبر سافرا الزوجان إلى إسرائيل عبر أثينا .. خلالها تدربا على إستخدام أحدث جهاز إرسال لاسلكي و تمت مطالبتهم بمعرفة موقف السلطات المصرية من تصعيد موقف الحرب و موعدها .. عادا الزوجان إلى مصر بعدما إستطاعت إسرائيل تأمين دخول الجهاز إلى مصر بطريقتها الخاصة .. حيث باشر الزوج في إرسال المعلومات عبر الجهاز و قد إستمر الأمر بشكل إعتيادي إلى أن تعطل أحد مفاتيح الجهاز ما إضطر الزوجة السفر إلى إسرائيل من أجل الحصول على مفتاح جديد..
و في تلك الفترة كانت مصر إقتنت جهاز متطور عرف بصائد الموجات .. و بالصدفة إلتقط الجهاز ترددات موجات الجهاز اللاسلكي المتوفر عند إبراهيم .. فأبلغ الجهاز صائد الموجات أن هناك ذبذبات غير عادية تصدر من مصر الجديدة .. فقامت المخابرات المصرية بتعقب المصدر إلى أن عثرت على أن المصدر هو منزل أسرة إبراهيم الذي كان منهمك في إرسال المعلومات السرية فتم إعتقاله و كان ذلك سنة 1974و ظلت المخابرات متكثمة على خبر إعتقال إبراهيم إلى أن وصلت إنشراح من إسرائيل و معها المفتاح الجديد فتم إعتقالها .. و في نفس السنة حكم على الزوجان بالإعدام و حكم على الإبنان البالغان بالسجن لخمس سنوات بينما زج بالإبنين الآخرين إلى سجن الأحداث..
أعدم إبراهيم شاهين سنة 1977وترددت أخبار غير مؤكدة عن إعدام إنشراح .. لكن في سنة 1989حصلت إنشراح موسى عن عفو رئاسي .. و بعدها رحلت مع أبناءها إلى إسرائيل التي وفرت لهم الأمان و منحتهم الجنسية الإسرائيلية ..
رأي الكاتب :
لا تطلب من جائع أن يكون وطنيا .. فالجياع لا وقت لهم لحب الوطن ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق