انتشرت طرفةٌ نُسبت إلى ألبرت أينشتاين عندما نشر نظريته الشهيرة حول النسبية العامة بداية القرن العشرين، تقول إن مساعدته جاءته تشكو كثرة الأسئلة ممن يلتقي بها حول ماهية النسبية، فأجابها أينشتاين: "عندما أجلس مع من أحب لمدة ساعتين، أخالها دقيقةً واحدةً فقط. ولكني عندما أجلس على موقد ساخن جداً لمدة دقيقة أخال أنها ساعتان، هذه هي النسبية".
يبدو أينشتاين هنا، عالماً في الأعصاب والدماغ أكثر منه في الفيزياء. وبما أن علم الأعصاب والدماغ تأسس كفرعٍ مستقل متأخراً، في عام 1964، كان علينا أن ننتظر قرابة قرن، إلى يومنا هذا لنعرف كيف يعمل دماغنا مع جريان الوقت في حالات متناقضة.
يتعامل الدماغ مع الوقت بطريقة مختلفة عن تكَّات الساعة العادية. إنه يأخذ إيقاع الثواني هذه ويعطيها معنى خاصاً به، مختلفاً عن دقة الساعة الطبيعية؛ إنه يمدِّد تكاتها ويقلصها حسب وظائفه المتعدِّدة. ولكن لماذا يفعل ذلك؟ لماذا يطير الوقت عندما نكون مستمتعين؟ ولماذا يتوانى عندما نشعر بالاكتئاب أو السأم؟
يقول الدكتور مايكل شادلين، عالم الأعصاب والدماغ في مركز إيرفينغ الطبي في جامعة كولومبيا إن الدماغ يتعامل مع الزمن اعتماداً على توقعاته. فعند العمل، يضع الدماغ احتمالاً لحدوث شيء ما في الوقت الذي لم يحدث هذا الشيء بعد.
وفي مقابلةٍ مع "لايف ساينس" في مارس 2019م، قال شادلين إن لكل فكر "آفاقاً مختلفة". ففي كتاب ما على سبيل المثال، تقع الآفاق في نهاية كل مقطعٍ في الكلمة الواحدة، وفي نهاية كل كلمة، وفي نهاية الجملة، وفي نهاية الفقرة، ثم الفقرة التالية وهكذا. إن الوقت يتحرك وفقاً لكيفية توقع هذه الآفاق.
ويضيف أننا عندما نكون منغمسين حقاً في شيء ممتعٍ، فإن الدماغ يتوقَّع "الصورة الكبيرة"، ويرى كلاً من الأفق القريب والبعيد معاً؛ أي الأفق الذي أُدغِم في الكلمة وذلك المدغم في الكتاب، مما يجعل الوقت يطير. لكننا عندما نشعر بالسأم، فنحن نتوقع الأفق الأقرب، مثل نهاية الجملة بدلاً من نهاية القصة أو الكتاب. والنظر إلى هذه الآفاق على هذا النحو يجعلها غير مترابطة ككل، وهكذا يغيب الأفق البعيد ويتوانى الوقت.
وأكثر من ذلك، ليس هناك مكان واحد في الدماغ مسؤول عن كيفية إدراك الوقت بهذه الطريقة. وبدلاً من ذلك، من المرجح أن أي منطقة أخرى من شأنها أن تثير التفكير والوعي، تدرك الوقت بطريقة مختلفة.
وقال في هذا الخصوص جو باتون، عالم الأعصاب في مؤسسة تشامبا ليمود في البرتغال: "من المؤكد تقريباً وجود عديد من آليات التوقيت في الدماغ". هذه الآليات الذاتية للتوقيت لا علاقة لها بالساعة البيولوجية التي تربط حركة أجسامنا وأعضائنا بدوران الأرض الذي يدوم 24 ساعة.
وتبيّن من اختباراتٍ على القوارض، قام بها باتون وفريقه، أن إحدى الآليات تتعلق بالسرعة التي تقوم بها خلايا الدماغ بتنشيط بعضها بعضاً لتشكيل شبكة عند القيام بنشاط ما. وكلما كانت مسارات الخلايا العصبية أسرع، نخال الوقت أسرع.
تنطوي آليةٌ أخرى على المواد الكيميائية في الدماغ. ومرة أخرى في القوارض، وجد باتون وزملاؤه أن مجموعةً من الخلايا العصبية التي تطلق الناقل العصبي الدوبامين- وهو مادة كيميائية مهمة تجعلنا نشعر بالمكافأة - تؤثر على كيفية إدراك الدماغ للوقت. فعندما نكون مستمتعين، تكون هذه الخلايا أنشط وتطلق كثيراً من الدوبامين، ويظن دماغنا أن وقتاً أقل قد مر بالفعل. وعندما نشعر بالسأم، لا تطلق هذه الخلايا كثيراً من الدوبامين، فيبدو الوقت متباطئاً.ان
يبدو أينشتاين هنا، عالماً في الأعصاب والدماغ أكثر منه في الفيزياء. وبما أن علم الأعصاب والدماغ تأسس كفرعٍ مستقل متأخراً، في عام 1964، كان علينا أن ننتظر قرابة قرن، إلى يومنا هذا لنعرف كيف يعمل دماغنا مع جريان الوقت في حالات متناقضة.
يتعامل الدماغ مع الوقت بطريقة مختلفة عن تكَّات الساعة العادية. إنه يأخذ إيقاع الثواني هذه ويعطيها معنى خاصاً به، مختلفاً عن دقة الساعة الطبيعية؛ إنه يمدِّد تكاتها ويقلصها حسب وظائفه المتعدِّدة. ولكن لماذا يفعل ذلك؟ لماذا يطير الوقت عندما نكون مستمتعين؟ ولماذا يتوانى عندما نشعر بالاكتئاب أو السأم؟
يقول الدكتور مايكل شادلين، عالم الأعصاب والدماغ في مركز إيرفينغ الطبي في جامعة كولومبيا إن الدماغ يتعامل مع الزمن اعتماداً على توقعاته. فعند العمل، يضع الدماغ احتمالاً لحدوث شيء ما في الوقت الذي لم يحدث هذا الشيء بعد.
وفي مقابلةٍ مع "لايف ساينس" في مارس 2019م، قال شادلين إن لكل فكر "آفاقاً مختلفة". ففي كتاب ما على سبيل المثال، تقع الآفاق في نهاية كل مقطعٍ في الكلمة الواحدة، وفي نهاية كل كلمة، وفي نهاية الجملة، وفي نهاية الفقرة، ثم الفقرة التالية وهكذا. إن الوقت يتحرك وفقاً لكيفية توقع هذه الآفاق.
ويضيف أننا عندما نكون منغمسين حقاً في شيء ممتعٍ، فإن الدماغ يتوقَّع "الصورة الكبيرة"، ويرى كلاً من الأفق القريب والبعيد معاً؛ أي الأفق الذي أُدغِم في الكلمة وذلك المدغم في الكتاب، مما يجعل الوقت يطير. لكننا عندما نشعر بالسأم، فنحن نتوقع الأفق الأقرب، مثل نهاية الجملة بدلاً من نهاية القصة أو الكتاب. والنظر إلى هذه الآفاق على هذا النحو يجعلها غير مترابطة ككل، وهكذا يغيب الأفق البعيد ويتوانى الوقت.
وأكثر من ذلك، ليس هناك مكان واحد في الدماغ مسؤول عن كيفية إدراك الوقت بهذه الطريقة. وبدلاً من ذلك، من المرجح أن أي منطقة أخرى من شأنها أن تثير التفكير والوعي، تدرك الوقت بطريقة مختلفة.
وقال في هذا الخصوص جو باتون، عالم الأعصاب في مؤسسة تشامبا ليمود في البرتغال: "من المؤكد تقريباً وجود عديد من آليات التوقيت في الدماغ". هذه الآليات الذاتية للتوقيت لا علاقة لها بالساعة البيولوجية التي تربط حركة أجسامنا وأعضائنا بدوران الأرض الذي يدوم 24 ساعة.
وتبيّن من اختباراتٍ على القوارض، قام بها باتون وفريقه، أن إحدى الآليات تتعلق بالسرعة التي تقوم بها خلايا الدماغ بتنشيط بعضها بعضاً لتشكيل شبكة عند القيام بنشاط ما. وكلما كانت مسارات الخلايا العصبية أسرع، نخال الوقت أسرع.
تنطوي آليةٌ أخرى على المواد الكيميائية في الدماغ. ومرة أخرى في القوارض، وجد باتون وزملاؤه أن مجموعةً من الخلايا العصبية التي تطلق الناقل العصبي الدوبامين- وهو مادة كيميائية مهمة تجعلنا نشعر بالمكافأة - تؤثر على كيفية إدراك الدماغ للوقت. فعندما نكون مستمتعين، تكون هذه الخلايا أنشط وتطلق كثيراً من الدوبامين، ويظن دماغنا أن وقتاً أقل قد مر بالفعل. وعندما نشعر بالسأم، لا تطلق هذه الخلايا كثيراً من الدوبامين، فيبدو الوقت متباطئاً.ان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق