في يوم 22ماي من سنة 1172و أثناء إندلاع الحرب الصليبية الثالثة بين المسيحيين الأوروبيين و المسلمين بقيادة القائد الكردي صلاح الدين الأيوبي تعرض هذا الأخير لمحاولة إغتيال فاشلة داخل رقعة حمايته ما آثار تساؤلات كثيرة حول من له المصلحة من إغتياله .. بعدما تبين أن الصليبيين لم يقوموا بمحاولة الإغتيال بسبب الحماية الكثيفة حول قائد المسلمين .. لكن تبين فيما بعد أن منغمسين إنتحاريين من طائفة تدعى الحشاشين كانت وراء محاولة الإغتيال .. فمن تكون هذه الطائفة و ما الغرض من تأسيسها ؟و لما صبت جل إهتماماتها هي تصفية الحكام و الوزراء و القادة العسكريين ؟!
إختلفت الأقاويل و الأحاديث التي تطرقت للطائفة و إعتقاداتها .. حتى إمتزت سيرتها بين الأسطورة و الحقيقة .. و لعبت سرية أفكار هذه الطائفة و إنغلاقها على نفسها دورا في خلق عدة فرضيات حول تأسيسها و أهدافها .. بعضها ربما حقيقي و جزء ليس باليسير من الواضح أنه ملفق .. لعدة عوامل منها العداء بين منهجية الطائفة السياسية و العقائدية و المنهجية السياسية و العقائدية لمعظم المذاهب الإسلامية الأخرى من بينها الإسماعلية التي تنسب لها جهلا أو لمآرب أخرى بهدف الإساءة للإسماعيلية عامة ..
و في هذا المقال سنتطرق لبعض فصول حكاية الحشاشين .. حيث دشنت طائفة الحشاشين عملياتها الإغتيالية المباشرة سنة 1092بإغتيال الوزير نظام الملك أحد أهم الوزراء السلاجقة السنة الذين كانوا يحكمون إيران أنذاك..
و يعود الفضل في تأسيس هذه المنظمة أو الطائفة إلى شخص يدعى حسن بن الصباح فارسي من خراسان و كان أبوه على المذهب الإسماعيلي الشيعي .. و كانت إيران أنذاك خاضعة لحكم السلاجقة الأتراك السنة .. خلال تلك الفترة تعرض الشيعة عامة و الإسماعلية خاصة للإضطهاد .. و من أجل تفادي الشبهات و تأمين مستقبل مستقر لحسن قرر أباه أن يودعه عند رجل سني عرف بمساندته للخليفة العباسي في بغداد.. إلا أن حسن الصباح تميز منذ الصغر بالذكاء الحاد و حب الذات و خلال تعلمه تعرف على مذهب أجداده الإسماعليين .. فحن لمذهبه و لعب بغضه و كرهه للسلاجقة الأتراك على التمرد و ترك البلاد نهائيا .. و التوجه إلى مصر التي كانت تحت حكم الفاطميين الإسماعليين .. و في القاهرة تعرف على الكثير من أتباع المذهب الإسماعيلي و ذلك ما ساهم في توطيد علاقاته مع السلطان الفاطمي .. لكن سرعان ما ساءت العلاقة بين الطرفين بوشاية من طرف بعض أعداء الصباح .. و في سنة 1073إضطر حسن الصباح بعد أن تمرس على السياسة جيدا العودة إلى إيران .. و أثناء تنقله في أرجاء إيران إستطاع بذكائه و عبقريته من إيجاد أتباع له يؤمنون بأفكاره الثورية من أبناء طائفته .. سرعان من إنتقل هو و أتباعه للإستقرار في قلعة محصنة جيدا في أعلى جبل تدعى بإسم آلموت في الجنوب الغربي لبحر قزوين حوالي 100كيلومتر عن طهران ..
حسب زعم بعض المؤرخين :
في القلعة تمكن حسن الصباح من إنشاء قيادة عامة لتسيير ما سيقوم به بعد ذلك من عمليات و إغتيالات .. في سنة 1094توفي الخليفة الفاطمي الإسماعيلي المستنصر بالله في مصر فإندلعت الحرب بين إبنيه نزار و المستعلي .. فراهن الصباح على نزار فكان رهانه خاسر بإنهزام الأخير أمام أخيه المستعلي .. و بذلك تكرست القطيعة بين سكان القلعة و باقي الإسماعليين .. و أصبح يطلق على أتباع حسن الصباح بالشيعة النزاريين أو الإسماعليين الشرقيين .. لتمييزهم على باقي الإسماعليين .. و بمرور الوقت إستطاع الحشاشون من بسط نفوذهم على أجزاء من إيران و سوريا حاليا .. و تنفيذ مئات عمليات الإغتيال في حق معارضيهم و أعداءهم من المسيحيين و المسلمين على السواء .. و إشتهر حسن الصباح عند المسيحيين بشيخ الجبل ..
الوهم بالجنة لأتباعه :
ذكرت عدة مصادر لا يمكن التأكد منها و من مصداقيتها .. و تتحدث أن الصباح إنتهج أسلوب أشبه بالعمليات الانتحارية يقوم بها أفراد من أتباعه بعد خضوعهم لدورات تدريبية مكثفة روحية و جسدية بتهييئهم نفسيا عن طريق عملية غسل دماغ محكم .. بعدها يتم تقسيمهم لعدة مجموعات حسب قوتهم و تكوينهم و مدى قربهم و تأثرهم بأفكار زعيمهم .. و كان المنغمس بعملية الاغتيال بمجرد تنفيذه للعملية على استعداد لتسليم نفسه للقتل.. بعد إيهامه بأنه سيدخل الجنة بمجرد مقتله .. و قد جهز حسن الصباح لإيهام أتباعه جنة مصطنعة قرب القلعة .. فيها أنهار من العسل و الخمر و فيها أنواع مختلفة من الفواكه و الفتيات الجميلات العذارى و كان يتم وضع منوم من الحشيش في مشروب بعد أن يتم غسل دماغ الفدائي أو الإنتحاري بعد ذلك يتم نقله إلى الجنة الوهمية .. هناك يذوق الإنتحاري ما لذ و طاب من متع جسدية و جنسية لعدة أيام قبل أن يتم تنويمه مرة أخرى و إعادته للقلعة و هناك يروي الإنتحاري لباقي الأتباع ما رآه من متع و حوريات .. بعدها يحاول الزعيم إقناع الإنتحاري بأن الجنة بإنتظاره إذا نفذ عملية إغتيال ما و قتل أثناء تنفيذها أو بعدها .. و هكذا تمكن حسن الصباح حسب زعم بعض المؤرخين و المهتمين بالشؤون التاريخية الغامضة ..بإقناع الآلاف من أتباعه بتنفيذ مئات عمليات الإغتيال التي كانت تتم في واضحة النهار و أمام الملأ و غالبا يوم الجمعة في وقت الصلاة .. كي يكون صدى الرسالة من العملية واضح للآخرين ليعم الرعب و الخوف في الباقي .. و يزعمون أن حسن الصباح هو صاحب المقولة القائلة : لا يكفي أن تقتل الأعداء .. لكن ينبغي أن نقوم بذلك في الساحات العامة .. كي يكونوا عبرة للآخرين ..
من القصص الطريفة حول موضوع طائفة الحشاشين :
يروى أن السلطان السلجوقي سنجار الذي كان يحكم الجنوب الغربي من بلاد فارس كان برفقة صديق له فقال له من يكون هذا حسن الصباح؟! بأسلوب متهكم على شخصية الصباح و مدى قوته .. و بعد مدة قصيرة إستفاق السلطان من نومه ذات يوم فعثر على خنجر قرب وسادته .. تفاجأ و إستغرب و حينما سأل حراسه لم يعثر على جواب لتساؤلاته .. و في اليوم الموالي توصل برسالة من حسن الصباح مفادها .. كان يمكن أن نغرز الخنجر في قلبك .. لكننا لم نفعل لتعرف حسن نيتنا إتجاهك .. و بسرعة قرر السلطان السلجوقي أن يرسل الهدايا و الجواري و جزءا من ثروته لزعيم الحشاشين .. كبادرة حسنة من السلطان نحو هذا المتمرد المتمرس و أيضا حماية له من فدائيي الصباح الإنتحاريين ..
ملاحظة :
تم التطرق إلى قصة الحشاشين في عدة كتب و مؤلفات قديما و حديثا .. بعضها حقيقي و الآخر من الواضح أنه من وحي الخيال لأهداف سياسية و دينية و عقائدية .. و لكن ما لاحظته في عموم ما قرآته عن حسن الصباح أن هناك سر ما لتشويه صورة هذا الرجل و إظهاره كزعيم عصابة لا أهداف له سوى القتل و التمتع بلذة تصفية من يراهم عقبة في طريق أهدافه السياسية .. و بذلك يمكن الجزم يقينا أن موضوع الحشاشين و زعيمهم لم يتطرق له بأسلوب علمي بحثي ينم عن مصداقية للأحداث و الوقائع و أسبابها ..
و بنظرة بسيطة معمقة .. يتبين جليا أن حسن الصباح كان هدفه الكفاح و تحرير منطقة فارس من المد السلجوقي التركي .. كما كافح العرب لتحرير منطقة الجزيرة من المد العثماني التركي .. و كافح الليبيون بقيادة عمر المختار لتحرير ليبيا و كافح الامير عبد القادر الجزائري لتحرير الجزائر .. و كافح غاندي لتحرير الهند و تشي غيفارة لتحرير أمريكا اللاتنية .. و غيرها الكثير من حركات التحرر حول العالم ..
و موضوع الكفاح المسلح لتحرير الأرض موجود في كل بقعة من العالم رغم أنني أرى أن أحيانا يكون الإستعمار و حكمهم أفضل و أعدل من حكم أبناء الوطن المستعمر ..
لكن الغريب أن كل هذه المحاولات التحررية في كل زمان و مكان .. لم تلقى هذا الهجوم اللاذع و المريب كما حدث لحسن الصباح و أتباعه ..
قد يكون حسن الصباح ناله ماناله من تشويش
ردحذفولكن لو كان عنده حسن سيره
لكان وجدت من دافع عنه
التاريخ مليء بالغموض
احسنت .. التاريخ مليء بالغموض و الاكاذيب
حذف